Monday, January 3, 2011

"So what?"

يقول بعض عارفي الحريري إن الهدوء يحكم ردود أفعال الأخير. وهو لم يخرج عن طوره، حتى في أحلك أيام أيار 2008، عندما كان شبه محاصر في منزل عائلته بقريطم، بعد انهيار ذراعه الأمنية. وفي هذه الأيام، يواجه الحريري المستنقع الذي يشدّ تياره إلى الأسفل، مستنداً إلى استراتيجية عنوانها: So what! (الترجمة الأقرب إلى معنى هذه العبارة هي: «وإن يكن»، أو «شو يعني»!).فإزاء الواقع السلبي، سياسياً وتنظيمياً وشعبياً، المحيط بالحريري، لا يزال الرئيس الشاب متفائلاً. وتفاؤله مبنيّ على نقاط قوة ما لا يملكها أحد غيره، بحسب المقرّبين منه.التيار مترهل، so what ؟ فالحريري يملك حيثية شخصية شعبية وسط الطائفة السُّني يجاريه فيها أحد. وهو السياسي الوحيد القادر خلال شهر واحد (شهر رمضان) على استقبال 30 ألف شخص إلى مائدته في قريطم. وهؤلاء، يصافحهم الرئيس فرداً فرداً، علماً بأنهم يمثّلون الطائفة السُّنية جمعاء، فمنهم زعماء الأحياء والمخاتير ورؤساء البلديات والموظفون البارزون في الدولة والقضاة والضباط والنواب والوزراء الحاليون والسابقون والمديرون العامون وكل من يملك حيثية شعبية وعائلية. عملياً، «هو يلتقي كل أبناء الطائفة السُّنية خلال شهر رمضان»، يقول أحد المطّلعين على ما يدور في وادي أبو جميل. وبرأي الأخير، فإن من يواجهون الحريري داخل الطائفة (باستثناء جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية) عاجزون عن جمع 500 شخص بيروتي في لقاء سياسي واحد. وخارج بيروت، ليس ثمة من يهدد نفوذه داخل الطائفة. «نجيب ميقاتي ومحمد الصفدي لا يريدان خوض مغامرة ضده. عبد الرحيم مراد وأسامة سعد في البقاع وصيدا، لكل منهما حجمه الذي إن لم ينقص فلن يزيد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأحباش». ويؤكد مقربون من الحريري أنه قادر على استرجاع كل من ابتعد عن تياره خلال العامين الماضيين، وخصوصاً أن معظم هؤلاء لم ينتقل إلى الضفّة الأخرى. وبرأيهم، إن الحريري قادر على اكتساح كل المناطق ذات الأغلبية السُّنية، في أي انتخابات تجرى. وبسبب الخطاب السياسي العالي النبرة السائد حالياً، «بإمكان الحريري استعادة كل البلديات التي خسرها في الانتخابات الأخيرة».هذا شعبياًَ. أما في الدولة اللبنانية، فتأخذ نظرية «So what» حيّزاً أكبر. يسأل أحد المقربين من الحريري: «كل ما جرى خلال السنوات الماضية، هل أضعف قدرة سعيد ميرزا أو أشرف ريفي أو وسام الحسن أو عبد المنعم يوسف على التحكم بالإدارات التي يمسكون بها؟ وهل بإمكان أيّ كان تعيين موظف في وزارة المال من دون رضى الحريري؟ وهل بإمكان أي مرسوم في الدولة أن يبصر النور من دون توقيع ريا الحسن؟ وهل تتجاهلون عشرات الإدارات والمؤسسات الرسمية والخدماتية التابعة مباشرة لرئيس الحكومة؟». يضاف إلى ما قيل، «حلفاء أثبتت الأيام أنهم لا ينفكّون عن الحريري، فضلاً عن كون بعضهم غير قادر على الابتعاد عنه». في المقابل، «ما الذي يمكن خصومنا أن ينفذوه، سوى التعطيل؟ لا شيء، إنهم فاقدون للمبادرة. والتعطيل يسري على الجميع».
 
هذا مختصر نظرة الحريري إلى الداخل اللبناني. أما خارجياً، هل ثمة من  يقدر على تسمية سياسي في العالم خارج أميركا، قادر على نسج اتصالات بالقدر ذاته الذي يملكه الحريري، من باكستان إلى دول الخليج إلى الدول العربية كلها، ومن روسيا إلى الولايات المتحدة، مروراً بأوروبا وبعض دول أميركا اللاتينية؟ وهل رأيتم رجلاً من خارج العائلة المالكة السعودية، يحظى بهذا الاهتمام من الملك الذي يحضنه؟ ومهما قيل عن إقفال «الحنفية» المالية السعودية عن حوض سعد الحريري، فهل ثمة من يتوهم أن الملك السعودي سيسمح بانكسار رئيس الحكومة في لبنان؟ وهل ثمة سياسي واحد في العالم يُحاط بالحفاوة ذاتها التي يلقاها الحريري الابن في دولة مثل روسيا، هي في موقع الحليف المفترض لخصومه السياسيين؟ يطرح أحد عارفي الحريري هذه الأسئلة، قبل أن يجيب نفسه بالقول:
إن سعد الحريري، بقدراته المالية وعلاقاته، هو واحد من أعضاء «النادي الحاكم» في العالم. ثم يحدثونك عن التراجع والانهيار، إيه so what؟  

No comments: