"Michel Sleiman & his 'creator'..."
Jean Aziz in Al Akhbar/ here
يسري هذه الأيام في بيروت همس صاخب حول شائعة تتناول ولاية رئاسة الجمهورية. حتى الأوساط الدبلوماسية، بعد السياسية والإعلامية، بدأت تسأل بأصوات مرتفعة: هل صحيح أن هناك مشروعاً جديّاً لتقصير الولاية الرئاسية؟حتى إن البعض المتطوعين لإعطاء ما يصفونه بالمعطيات والحيثيات، يبادرون إلى الشرح والإسهاب، فيستعينون حيناً بالسياسة وحيناً بالدستور، للتعليل والتفسير. في السياسة، يعود هؤلاء إلى مؤتمر الدوحة وما سبقه من أزمة رئاسية، وينبشون كلاماً لبنانياً ودولياً عن مشاريع لحلول جزئية وتسووية، منها رئاسة انتقالية لمدة سنتين. ثم يقفز هؤلاء إلى الربط بين تلك المواقف وكون رئيس الجمهورية ميشال سليمان قد انتُخب في 25 أيار 2008، ليحاولوا ثني المحطتين والخروج من طيّهما باستنتاج أن الولاية قد شارفت على نهايتها...أما في الدستور، فيعود أصحاب الهمس نفسه إلى جلسة الانتخاب الرئاسي بالذات، وتحديداً إلى ما أثير بشأن دستوريتها، ومدى جواز انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، من دون المرور بتعديل الفقرة الثالثة من المادة الأكثر شهرة وتعديلاً في الدستور اللبناني، المادة 49، التي تحظر انتخاب «القضاة وموظفي الفئة الأولى وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة»، إلا بعد مرور سنتين على استقالتهم من تلك الوظائف.ويحرص الهامسون أنفسهم على استذكار لحظات جلسة الانتخاب ووقائعها، وكيف وقف النائب السابق حسين الحسيني مثيراً الإشكالية، داعياً إلى حلّها «بخمس دقائق»، وكيف رفض الرئيس نبيه بري وكان الانتخاب.لا يشرح هؤلاء كيفية الربط بين ما حصل وما يرهصون لحصوله، علماً بأن الفارق بين الاثنين كبير جداً. ففي السياسة، بديهي القول إن مشروع «الرئيس الانتقالي» كان مطروحاً قبل اتفاق الدوحة، وهو فكرة سقطت كليّاً بعد الاتفاق ومفاعيله. وفي الدستور، تبدو بدعة مقولة أي مراجعة في الانتخاب الرئاسي، بعد أكثر من 24 ساعة على حصوله، كما تنص المادة 23 من القانون 250/93، الذي أنشئ بموجبه المجلس الدستوري، فضلاً عن ضرورة توقيع ثلث أعضاء المجلس النيابي شخصياً، أي 43 نائباً على الأقل، على مراجعة كهذه. وهو ما لا يمكن طبخه سرّاً، بمعزل عن لاقانونية «الطبخة»...ومع ذلك، تسري الشائعات المذكورة في الأوساط كأنها مقولة لأحد منجّمي الشاشات، هذا إذا لم يكن أحدهم فعلاً هو مَن أطلقها.لا شك في أن تلك الشائعة لا أساس لها من الصحة، ويمكن الجزم بهوائية كل إسناداتها القانونية والدستورية. غير أن تمكّنها من الشيوع بين الناس، وحتى في الأوساط السياسية والدبلوماسية والإعلامية، إشارة إلى أمر آخر. ذلك أنه يشي بنوعٍ من تقويم «المزاج العام» لأوضاع الولاية الرئاسية وأحوالها. فالعهد بدا معطوباً بنقصٍ خَلْقي، لازَم ولادته مع اتفاق الدوحة، وهو العطب الذي جعل لسيد العهد أقلية وزارية في حكومته، مقابل أكثرية طفيفة وأقلية كبيرة. غير أن العهد نفسه، بدا في انطباعات «المزاج العام» نفسه كأنه ارتضى سنة واحدة من سياسة عبور صحراء الدوحة، إذ اعتقد الناس، أو صوِّرَ لهم، أن انتخابات عام 2009 ستكون التاريخ المنتظر لبداية العهد الفعلية. لكن الموعد حان، ورغم التحضيرات التي حشدت لتحقيق ذلك في أكثر من دائرة انتخابية ـــــ وخصوصاً في جبل لبنان المسيحي ـــــ، انتهت النتائج إلى ما يمكن وصفه بنكسة رئاسية إضافية. في أذهان الناس دائماً. سقطت تنظيرات «الوسطيّة» والمرشحين الوسطيين. لا بل بدت الصورة أكثر تدهوراً بعد تأليف الحكومة الائتلافية الحالية في 9 تشرين الثاني الماضي. فالحصة الرئاسية الثلاثية التي تركها اتفاق الدوحة للعهد، كان مقيّضاً لها أن تكون راجحة ووازنة بين الأكثرية والأقلية المتضادتين. أما في الحكومة الائتلافية، رغم «النفخ الاصطناعي» للكتلة الرئاسية الخماسية، جاءت الرياح الإقليمية الجديدة والتموضعات الداخلية المستجدة لتجعل الوزن الرئاسي الفعلي على طاولة مجلس الوزراء معدوماً، ومخيّراً بين الالتحاق بالأكثرية الموضعية ـــــ بحسب الملف ـــــ والتهميش على قاعدة 3 مقابل 27.بعدها تتالت الصور العاطبة: 21 أيلول 2009، صورة الأسد في افتتاح جامعة الملك عبد الله، فيما الرئيس اللبناني في نيويورك... 26 شباط 2010، «ترويكا الشام»، الأسد، نجاد ونصر الله... 9 آذار 2010: طاولة الحوار تناقش فقرة المقاومة في البيان، وسط سجال لم يخل من حدّة، وصمترئاسي...هكذا تراكمت في المخيّلات مقاطع لمشهد عام يتساءل: هل هناك فعلاً مشروع يعيد البحث في موعد نهاية الولاية الرئاسية؟ فيما البعض يسأل ربما: هل هناك مشروع جدّي لبدايتها؟
No comments:
Post a Comment