Saturday, March 6, 2010

"... bent on 'smart-alecking & failure'..."

Nicholas Nassif in Al Akhbar/ here

تبدو دمشق وقد استرجعت أو تكاد معظم أوراق نفوذها في الداخل: الحلفاء الدائمون لا يزالون إياهم، والحلفاء السابقون عادوا تائبين أو معتذرين، وحلفاء جدد لم يكن في الإمكان توقعهم في دمشق كالرئيس ميشال عون.
كان الثلاثة الأخيرون ثلاثة تينورات لا بد منهم لدمشق كي تعود بقوة إلى لبنان. عشية انسحاب جيشها من لبنان عام 2005، كانوا رأس حربة المواجهة العنيفة معها. كلٌ صوّب على طريقته بغية تصفية حساب سياسي قديم أو جديد. فإذا بالحريري يبيت عند الرئيس السوري، وعون يصلّي في براد، وجنبلاط ينتظر بإلحاح موعداً.
منذ استعادت ذلك النفوذ، لم تقايض سوريا السلطة الرسمية بهؤلاء، ولا أبعدتهم والحلفاء الجدد عنها تبريراً لعلاقة دولة إلى دولة. على طريقة حقبة الرئيس حافظ الأسد، تظلّ المعادلة هي آلية العلاقات السورية ـــــ اللبنانية: توازن قوى داخل السلطة الرسمية، وتوازن قوى بين الحلفاء
..........

انطوى ردّ الفعل السوري على إعلان طاولة الحوار على الآتي:
1 ـــــ لا تجد دمشق نفسها معنيّة بتأليف هيئة الحوار الوطني التي يحتّمها توازن القوى الداخلي، ولا بأيّ من أسمائها.
2 ـــــ لفت دمشق إعلان هيئة الحوار بعد أيام على القمّة السورية ـــــ الإيرانية على أراضيها، في 25 شباط الماضي، ومشاركة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في عشاء تكريمي أقامه الأسد للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وبعد ساعات على مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لبنان بمعاودة طاولة الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله. وبدا إعلان الهيئة ـــــ مقصوداً أو بريئاً ـــــ في توقيت غامض أوحى باستجابته لبان. بذلك ظهر الإعلان عن العودة إلى طاولة الحوار في بيروت رداً على قمّة دمشق.

قوبلت الشكوك التي أحاطت بتوقيت إعلان هيئة الحوار الوطني، باستعجال نصر الله الردّ عليها، ولم يشأ الحزب المغالاة في تحفّظه على الأعضاء والتوقيت لئلا يتهم بعرقلة الحوار على سلاحه. لكن الإشارة الأبلغ إلى الإصرار على سلاح المقاومة، كانت من دمشق، في الصورة التي ظهر فيها الأسد يتوسّط نجاد ونصر الله في العشاء التكريمي. كان الأمين العام للحزب التقى الرئيسين الإيراني والسوري كلاً على حدة. وهو اعتاد هذين اللقاءين المنفصلين في كل مرة زار فيها نجاد دمشق. إلا أن الرئيس السوري أصرّ عليه في 25 شباط عدم مغادرة سوريا بعد لقائه الرئيس الإيراني، وتلبية دعوته إلى العشاء معاً. نادراً ما يُعلن عن زيارة نصر الله لدمشق التي يقصدها سراً لدوافع أمنية، وقلّما عُثر على صورة تجمعه بالأسد رغم وفرة اجتماعاتهما.
قبل الصورة العلنية في قمّة دمشق، كان ثمّة صورة علنية في موقف مشابه بدلالته. في حزيران 2000، بعد ساعات على وفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد، ترأس نصر الله وفداً كبيراً من مقاومي الحزب جمع 400 من مقاتليه إلى القرداحة لتقديم واجب العزاء، وتقدّم بهم من الأسد الابن ـــــ ولم يكن قد انتخب بعد ـــــ معزّياً بالرئيس الراحل. كانت تلك إشارة نصر الله إلى الأسد إلى أن مقاومة حزب الله إلى جانبه. وهي الرسالة المتطابقة التي أرسلتها قمّة دمشق إلى بيروت والخارج، ومغزاها أن قوة حزب الله ومقاومته جزء لا يتجزأ من الموقف السوري ـــــ الإيراني.
3 ـــــ تنظر دمشق باهتمام إلى مداولات طاولة الحوار الوطني، وتعتقد أن امتحان هذا الحوار يكمن في نقل الجدل السلبي الدائر حول سلاح حزب الله من الشارع إلى الطاولة، لا جعل هذه منبراً إضافياً للجدل نفسه بغية تعزيز الشكوك فيه. وتنظر إلى طاولة الحوار الوطني نفسها على أنها وسيلة رئيسية لتحقيق تفاهم لبناني ـــــ لبناني على استخدام سلاح المقاومة في وجه أي تهديد إسرائيلي، وإجراء حوار على استراتيجيا دفاعية دعا إليه اتفاق الدوحة. لكن خشيتها تكمن ـــــ وهي تتمسّك بحماية المقاومة وهذا ما أبلغه الأسد إلى الحريري في فطور 20 كانون الأول 2009 ـــــ في أن يعمد خصوم حزب الله إلى التشهير بالحوار. وعوض أن يكون سرّياً يرمي إلى تعزيز التهدئة والاستقرار وتوفير أرضية تفاهم، ينتقل بحدّته إلى الشارع سعياً إلى إرباك حزب الله. إلا أنه يتوخى عندئذ ممارسة ضغط على سوريا من حلفاء رئيس الحكومة، الحليف الجديد لدمشق.

No comments: