Wednesday, October 21, 2009

"Iran haunts every member of our regime... why can't you understand this?... "


دار هذا الحديث بين مسؤولَين عربيين، على دفعتين اثنتين، بين مدينتين في بلدَي كلّ منهما.
قال أحدهما للآخر:
المشكلة الأساسية في ما بيننا أننا بتنا نملك سلّم أولويات مختلفة، لجهة المخاطر التي تواجه كلاً منّا. بالنسبة إلينا، ونقولها بصراحة، إيران هي الخطر الأول والأولوي بالنسبة إلى نظامنا. لقد باتت هاجس كل مسؤول عندنا. وعليكم أن تفهموا هذا الأمر وتتفهّموه. فإيران اجتاحتنا نفسياً، وإن كانت لم تبلغ حد اجتياحنا فعلياً. كيف لم تدركوا ذلك؟
انظر إلى خارطة بلادنا، لترى مدى جدّية الحصار الإيراني لنا. من الشمال والشمال الشرقي، كلّ حدودنا صارت معهم. ففي العراق فعلياً، الناس يتنفّسون ويأكلون ويشربون إيران. مهما كانت التبريرات المعطاة. وبعد أشهر قليلة، ستكون انتخابات حاسمة، وموازين القوى ليست لمصلحة أصدقائنا، فيما أنتم تستعدون لأداء دور «الحَكَم المرجع»، وانطلاقاً من حساباتكم الخاصة لا غير. في الكويت وقطر والإمارات، استقرار هش، بين أنظمة لا تتطابق مع واقعها الديموغرافي. حتى إن أهل طهران باتوا يطلقون على عواصم هذه الدول الثلاث المحاذية لحدودنا، تعبير «المدن الزجاجية»، مع ما تعني هذه التسمية من واقع فعلي، وتهويلي عملي.
كان لا يزال لدينا المقلب الآخر من مياهنا، من المحيط إلى البحر الأحمر. الآن يبدو أن إيران باتت في صعدة، في قلب اليمن. الحوثيون؟ هل تصدق أن قوة الحوثيين هي ما يهدد بتحويل «اليمن السعيد» عراقاً آخر، تكون أكثريته أرضاً عدوّة لنا؟ أنت تعلم أن الزيديين أصلاً ليسوا من الشيعة الاثني عشريين، وأن ليس كلّ الزيديين حوثيين، فكيف لأقل من ثلث سكان هذا البلد أن يواجه أكثر من ثلثيه من أهل السنّة؟ إنها إيران. واللعبة هناك قاتلة بالنسبة إلينا.

أولاً تاريخياً، لأنها خاصرتنا الرخوة، منذ عبد الناصر.
ثانياً جيوستراتيجياً، لأن إمساك طهران بالمنفذَين الوحيدين لنا على المياه الدولية، يعني إحكام الخناق العسكري والاقتصادي علينا.
وثالثاً، لأن أيّ تماس بين يمن الزيديين ـــــ الحوثيين ـــــ الإيرانيين، و«أهل» المنطقة الشرقية عندنا، يعني خطراً بنيوياً على نظامنا لا يمكن التساهل معه.
هذا فضلاً عن توجّسنا من الامتدادات الإيرانية الأخرى: سياسياً ونفوذياً كما مع «حماس» في فلسطين، وسياسياً ومذهبياً كما مع «حزب الله» في لبنان، وحتى مع ما يحكى عن عمليات تشيّع منهجية في أكثر من بلد محيط بنا، ومنها بلدكم...
قاطعه المسؤول العربي الآخر:
لكن هذه المسألة قد تم إيضاحها وجلاؤها نهائياً. منذ آخر زيارة لوزير خارجيتنا إلى بلادكم، اقترحنا عليكم إرسال مَن تريدون من لجان مشتركة أمنية وسياسية ودينية للتحقّق من خطأ هذه الشائعات، وتأكد لكم ذلك...
تابع المسؤول العربي الأول:
مع ذلك تظل إيران الخطر الأول علينا، وهذا ما لا تشاركوننا في فهمه.
ـــــ طبعاً لا نفهمه، لأننا لا نرى في طهران إلا النظام الذي طرد إسرائيل من عاصمته وفتح أول سفارة لدولة فلسطين. ثم إن تحالفنا مع هؤلاء المناضلين ليس ابن ساعته، ولا كان نتيجة حسابات نفوذ ومكاسب بعد انتصار الثورة.
اذهبوا ودقّقوا في سجلات كلّ قادتهم، تجدون أنهم في ظل عهد الشاه كانوا يحملون جميعهم جوازات سفر دبلوماسية سورية. يوم كانت إيران شرطي الخليج الذي يرعبكم، كنّا نحتضن هؤلاء الثوار، تماماً كما حال مَن صار في السلطة في بغداد اليوم.
المسألة بالنسبة إلينا مبدئية، وعنوانها تجميع الأوراق في سياق تكافؤ القوى لمواجهة إسرائيل. كيف لا تقدّرون هذا المنطق القومي لنهجنا وسلوكنا؟
ـــــ نقدّره طبعاً، لكن بالنسبة إلينا العداء مع إسرائيل واقع ومعلن وراسخ لدى كل فرد من رعايانا. لكننا، في المقابل، نحتاج إلى حالة العداء مع إيران، كي لا يستميل نظامها أي شخص أو جهة أو جماعة عندنا أو في محيطنا. نحن بكل بساطة نعرف أن إسرائيل عاجزة عن اختراقنا، لكن إيران قادرة عليه...
كان الحوار قد شارف على ختامه في اللقاءين قبل أن يستطرد المسؤول العربي الأول قائلاً: ثم كيف تدعمون في لبنان أشخاصاً لدخول الحكومة مثل سليمان فرنجية وجبران باسيل؟ هل تعرفونهما فعلاً؟
... لم ينتهِ الحديث هنا، ولم يكن قطعاً بين ملك ورئيس عربيين.

عناء التأليف
'In the meantime ....... this!'

No comments: