Jean Aziz/ in Al Akhbar
ظهر يوم الأحد الماضي، كان الموعد الأسبوعي لاجتماع «الفريق السياسي» للقيادة السورية، في مكتب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع. كان الاجتماع الأول للفريق بعد اكتمال نصابه، وعودة العديد من أعضائه من رحلات منتظرة. وزير الخارجية وليد المعلم يعود من نيويورك عبر الإليزيه. نائبه فيصل المقداد يعود من واشنطن. ووزير الإعلام محسن بلال يعود من جدة، بعد تسليمه الدعوة الرسمية إلى الملك السعودي لزيارة سوريا.بعد الاجتماع، يؤكد زوار دمشق أن أعضاءه يغيبون عن السمع، وخصوصاً أن انشغالاتهم العملية كثيرة ومتراكمة: الموفد الفرنسي في ديارهم، الموفدون العراقيون بالجملة، قبل أسابيع من انتخابات بغداد، اللبنانيون موجودون دائماً، وخصوصاً أصحاب الرسائل المغفلة والوساطات البعيدة عن الإعلام. وفوق كل هذا، ثمّة شغل بتأجيل موعد «أبو مازن» والإعداد لاستحقاق الملك عبد الله.وسط هذا المشهد، يقول زوار دمشق إن الكلام هناك قليل عن لبنان وفيه، لكنه حاضر عبر القراءة الإقليمية. وحين تحضر هذه القراءة، تنفرج أسارير صالونات دمشق وداراتها: تنتظر الشام الملك السعودي، صحيح. لكنها تقدر على الانتظار وتحتمله، من دون تحرُّق، ولا احتراق، كما تفعل بيروت وتعيش. لأن الزيارة في جوهرها حاصلة. هذا الثلاثاء أو بعده. أو هي حصلت أمس، بدوافعها والخلفيات والنتائج. النظام المصري ضد الزيارة، لكنها «حصلت». أرسل مبعوثيه إلى عمّان وجدة وصنعاء وغيرها من العواصم،أردوغان في سوريا بعد أسبوع، وعراقيوها عامل راجح في انتخابات بغدادفي محاولة للتشويش، من دون جدوى. لقد أفقد النظام المصري بلاده ثقلها ووزنها في كل الملفات، من فلسطين إلى بغداد. بغداد التي تستعد لاستحقاقها الانتخابي والعسكري في آن، تتطلع بدورها نحو دمشق. اقتراعاً، ثمّة مليون ومئتا ألف عراقي على الأراضي السورية، يقيمون هنا وسيقترعون هنا. بينهم أكثر من 600 ألف ناخب. ويرتبطون بأضعافهم من عائلاتهم داخل العراق. لذلك تنظر بغداد إلى دمشق، على أنهم عامل مرجّح في انتخاباتها المقبلة. لذلك جنّ جنون المالكي. هو مَن أمضى 18 سنة لاجئاً معارضاً و«بعثياً» في دمشق. جن جنونه، لأن سوريا لن تتدخل في استحقاقات بلاده الانتخابية، فيما واشنطن تفاوض دمشق على استحقاقها الانسحابي من بغداد. جن جنون المالكي، حتى وصف الوسيط التركي بغير النزيه. لكن أنقرة لم تبدّل موقفها ولا تموضعها. منذ أسابيع أنجز الرئيس السوري زيارة تاريخية إليها، وبعد أسبوع يحلّ أردوغان ضيفاً عليه في حلب. فالأتراك يجيدون قاموس واشنطن أكثر من المالكي. وهم يعرفون ألغازه وأسراره. يعرفون مغزى أن يكتفي المقداد بعبارة لوصف لقائه بفيلتمان، ومعنى أن يستفيض الأميركيون بالشرح. ويعرفون دلالة أن يعود المعلّم عبر قصر الإليزيه، فيما السفير الفرنسي الجديد في دمشق إريك شوفالييه يحوّل سفارته خلية نحل للتعرف إلى كل الوجوه والمواقع والمناصب. فحين تصير باريس «وكيل التسويق السياسي» الأول للسوريين، يكون الكثير قد تغيّر في اتجاهات القوى وموازينها والثوابت، لا فقط في هوية الرئيس الفرنسي وهواه.أين لبنان من هذا المشهد كله؟ يستشفّ زوار دمشق اطمئناناً وارتياحاً كبيرين لدى «العارفين بشعابها». ففي المدى الأول والأقصر، قد يكون ملف بيروت المجال الأكثر قدرة على ترجمة التقارب العربي الحاصل، أو المرتقب. الباقي قد ينتظر وقد يقتضي وقتاً وجهداً. أما لبنان فانعكاس فوري. يكفيه دلالة موقف جنبلاط. بعض موفديه، أو أصداؤه غير المباشرة، يفكر هناك بصوت عالٍ: لقد ناضلت جماعتي ألف عام، لتكون جزءاً من هذا «النسيج» القومي والجماعاتي لهذه المنطقة. ولن أفرّط بتاريخ ألف عام من أجل أربعة أعوام مضت إلى غير رجعة.قد يكون الملك السعودي في دمشق اليوم، وقد يكون غداً أو بعده، لكن دمشق تنتظره، وتقدر على الانتظار، كأن الزيارة قد حصلت بالأمس، فيما بيروت تتحرّق انتظاراً، خوفاً من أن تحترق.
2 comments:
لا حول ولا قوة الا بالله
http://www.roro30.com/vb
لا حول ولا قوة الا بالله
roro30
Post a Comment