
وفي ضوء ملاحظات استنتجها العائدون من هؤلاء المسؤولين، فإن مركز القرار في السياسة الأميركية بات يركّز اهتمامه على ما يُعدّ النقاط الساخنة في العالم، التي تحدّدها واشنطن بالعراق وأفغانستان نظراً إلى وجود جنودها هناك، ودورها العسكري والديبلوماسي بإزاء استقرارهما واستقرار جوارهما ومحاربة الإرهاب وتعزيز نفوذها فيهما. بذلك وُضعت هاتان الدولتان في دوائر البيت الأبيض ووزارة الدفاع. في المقابل فإن الملفين الساخنين الآخرين، وهما إيران والنزاع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي موجودان أيضاً في البيت الأبيض الذي يعوّل في تحليلاته حيالهما على تقارير وكالة الاستخبارات المركزية.أما لبنان، فملفه في دوائر وزارة الخارجية، ولا يُنظر إليه كملف ساخن، ويُدرج في نطاق اهتمام مشابه لدول شمال أفريقيا وقضايا التنمية، مع أن المكلّفين الملف الإيراني يرجّحون التحاق لبنان عاجلاً أم آجلاً بالنقاط الساخنة نظراً إلى التقاطع المثير للأحداث الدائرة على أرضه وتأثيرها مع ملفي الشرق الأوسط وإيران.لكن العائدين من واشنطن حملوا معهم ملاحظتين معبّرتين استقوهما من أوساط الخارجية عن علاقتها بلبنان:أولاهما كلام تداوله بعض مسؤولي الوزارة عن المساعد السابق لوزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى دافيد ولش، وقوله إن تسميته السفيرة ميشال سيسون في بيروت كانت «أكبر خطأ» ارتكبه في الإدارة السابقة، في إشارة إلى تقويمه وشكوكه في فاعلية دورها الذي تضطلع به مذاك.ثانيتهما المكمّلة للملاحظة الأولى أن خلفه، المساعد الحالي لوزيرة الخارجية، جيفري فيلتمان، على اتصال دائم ومباشر بسياسيين لبنانيين في قوى 14 آذار، ممّن أرسى معهم علاقات وطيدة إبان وجوده سفيراً (2004 ـــــ 2007). وتبعاً لتقرير أرسلته سيسون إلى الخارجية، رغم أن فيلتمان في واقع الأمر هو رئيسها، اشتكت ممّا وصفته تدخّلاً في عملها، بمكالماته الهاتفية مع هؤلاء السياسيين تارةً، وبرسائله الإلكترونية والهاتفية لهم طوراً. وفي مضمون تذمّرها اكتشافها لدى زيارتها لهم للتداول وإياهم في الوضع اللبناني تبعاً للتعليمات الموجّهة إليها، معرفتهم المسبّقة والمباشرة من خلال فيلتمان بوجهة النظر الأميركية وفحوى التساؤلات التي تطلبها واشنطن من السفيرة، أو الاستيضاحات المتصلة بمسار الأحداث في لبنان.
No comments:
Post a Comment