فقد جاء افتتاح «القوات اللبنانية» مكتبها الثاني في بلدة حقل العزيمة في الضنية بعد مكتب بلدة كفرحبو، ليعطي مؤشرات على حجم هذه التغيرات التي شهدتها المنطقة، والتي كانت تعتبر قلعة كرامية والحاضنة للرئيس الشهيد رشيد كرامي، الذي لطالما لجأ إليها خلال الأزمات السياسية التي واجهته، وكانت الى جانبه في كافة الظروف ولم تخيب ظنه حتى في أحلك المراحل الحساسة.
وإذا كانت «القوات اللبنانية» استطاعت برغم ما واجهها سابقاً من مشاكل أن تبقى على تماس مع قاعدتها الشعبية وتحافظ على وجودها في الشارع المسيحي في الضنية، الذي يشكل نحو 20 في المئة
من تعداد السكان، 65 في المئة منهم روم ارثوذكس و45 في المئة منهم موارنة، إلا انذلك لم يكن ليسهل لها عودتها الى المنطقة بهذه القوة لولا حليفها تيار المستقبل، الذي استطاع ان يمهد لها الارضية ويهيئ المناخ الملائم في اوساط عموم ابناء المنطقة، والذين عبر كثيرون منهم عن تحفظاتهم على افتتاح مكتب حقل العزيمة وسط الضنية وعلى الطريق الرئيسية التي كان يسلكها الرئيس الشهيد رشيد كرامي إلى مصيفه في بقاعصفرين، وهم بذلك ينطلقون من خلفيات عاطفية وليست طائفية، باعتبار ان «التيار الوطني الحر» كان له مكتب في بلدة سير قبل ان يقفل في اعقاب احداث 7 ايار. وبرغم أن «القوات اللبنانية» لم تخرج من نطاق الواقع المسيحي في تمددها نحو منطقة الضنية، إلا أن ذلك لا ينفي أن المكتب الجديد في بلدة حقل العزيمة هو علامة فارقة لعدة أسباب: أولاً لأن البلدة نفسها هي بمثابة «جيب» مسيحي في عمق الضنية بغض النظر عن الخيط الرفيع الذي يربطها بوجود مسيحي في بلدة عاصون، والبلدة حافظ عليها أبناء الضنية في عزّ الحرب الأهلية. ثانياً إن فتح مكتب القوات في هذه البلدة هو بعكس واقع المنطقة على المستويين الشعبي والديني، إذ إن أبناء الضنية الذين يؤيد أكثريتهم تيار المستقبل، ما زالوا يحملون للرئيس الشهيد رشيد كرامي ما يكفي لامتعاضهم من فتح مكتب القوات، كما أن غالبية أهالي هذه المناطق لا يستسيغون فكرة الأحزاب، فكيف بحزب القوات؟
هذه الاندفاعة للقوات اللبنانية باتجاه منطقة الضنية، يعزوها البعض الى السعي لتوسيع الانتشار في المناطق المسيحية التي تقع في نطاق الاقضية التي يتحكم بالمزاج العام فيها تيار المستقبل، فضلاً عن اثبات الحضور في كافة الاقضية في الشمال والتي ما تزال مدينة طرابلس خارجة عن الحسابات حتى هذه اللحظة
.
No comments:
Post a Comment